نالت سابك درجة عالية بتصنيفها الشركة الحادية عشرة في العالم فيما يخص الشفافية والحوكمة، التي تعد أهم المعايير الأساسية لقمع الفساد في أي شركة، نالت سابك ذلك التقييم برغم وجودها في بلد يعد أهم تحدّ يواجهه هو الفساد، الذي للأسف نخر مؤسسات كثيرة أقل تعقيداً من سابك والتي يفترض من السهل ضبطها قياساً بسابك التي من الجهة الأخرى معرضة لعدة جوانب لأن يدخلها الفساد، السؤال لماذا نالت سابك هذه المكانة الرفيعة ولم تنلها الكثير من المؤسسات الأقل تعقيداً منها، طبعاً سابك شركة تعد من القطاع الخاص وهي مطروحة للمساهمة العامة وبالتالي مجبرة على إظهار قوائمها المالية بشكل ربعي ومدقق بشكل سنوي والإفصاح عن أي إعلانات جوهرية تمس الشركة، ولكن حالة سابك أكثر تعقيداً بحيث من يتأمل في سابك يجد خانات عديدة قد تسمح للفساد وضعف الحوكمة أن تخترقها؛ أولاً سابك شركة دولية وحوالي 40% من أصولها خارج السعودية وفي دول عديدة مثل اليابان والصين وتايلاند والهند وهولندا وبلجيكا وبريطانيا والولايات المتحدة، وبالتالي معرضة لتذبذب تغير العملة سواءً للأرباح أو الأصول، وجوانب المعالجة المحاسبية متعددة وقد تسبب تذبذباً قد يسمح بثغرة فساد، أيضاً بيع المنتجات البتروكميائية عالمياً يتم في أسواق مغلقة وليست مفتوحة مثل أسواق السلع العامة مثل الحديد والنحاس والقهوة والنفط، وكونها مغلقة قد تسمح بهامش للتلاعب بين الموزعين ومع ذلك حافظت سابك على كفاءة ضبطها لهذه المخاطر.

أسباب الانضباط عديدة؛ كما أن مفهوم الفساد لا ينبغي حصره وتضييقه لمفهوم الفساد المالي فقط، والسبب هو أن الفساد المالي نتيجة للفساد الإداري والذي ينتج من وصول شخصيات ليست ذات كفاءة للمناصب العليا وتعيين أقربائهم وأصحابهم.. وثانياً انخفاض كفاءة التكاليف مما يؤدي إلى نزول مستوى المخرجات وجودتها.. ثالثاً تأخذ الخطط الرئيسية صبغة استراتيجية ولكن في الحقيقة تتحول إلى منافع لأطراف ذات علاقة.. رابعاً عدم متابعة التطور سواء للصناعة المعنية أو المجال التي تشارك فيه المؤسسة والاحتياجات العامة والوعي للتكيف مع المتغيرات.. خامساً تآكل الموارد البشرية بخروج الكفاءة وترهل العناصر الشابة..

من هذا كله يأتي إفراز الفساد المالي سواء في المؤسسات الربحية أو الحكومية غير الربحية مع بعض الاختلاف البسيط، ومن يريد محاربة الفساد المالي عليه مواجهة الأسباب التي ذكرت بالنسبة للجوانب الإدارية.

أرجو ألا يفهم من حديثي بأن يتحول كبار مسؤولي سابك إلى مسؤولين حكوميين لأنهم لن ينجحوا لعدة أسباب؛ أولها التداخل الإداري بين الوزارات والبيروقراطية المتبادلة بين الدوائر الحكومية وآلية التعميد المادي المعقدة ومستوى الصلاحيات وعدم تنظيم الأهداف، ولكن من جهة أخرى يفهم كيف استطاعت الحفاظ على هذا المستوى من الحوكمة، والأسباب هي أنها مؤسسة وليست أفراداً، وخلقت كوادر بشرية أداروها بكفاءة وأنجبت كوادر أخرى تستطيع متابعة مسيرة تطورها وخلو القرابات الشخصية والشللية بين إدارة الصف الأول والثاني الثالث الإداري وخبرات متراكمة في عدة مجالات متجانسة بتعليم راقٍ، والسبب باختصار وجود ثلاثة عوامل للموظف وهي بيئة تعليمية ونمو في الدخل وعدالة في المعاملة.

من هذا العملاق المشرف "سابك" - الذي يحمل تحديات معقدة - إلى مؤسسات وطنية عادية بسيطة وترى فيها بوضوح سوء التخطيط والمخرجات، انظروا كيف أغرق المطر الرياض وجدة، وكم يعاد رصف الشوارع بشكل مريب، وكم تستغرق بعض المشاريع، وكم ينتظر المراجعون بين الدوائر الحكومية لعدم ترابط البيانات وإهمال الموظف الحكومي، وما جعله كذلك هو البيئة البيروقراطية والنمو غير المرتبط بالإنتاجية وعدم العدالة الوظيفية.


مازن السديري ـ جريدة الرياض

رمز السهم السعر حجم التداول
سابك 114.77 5,915,941
سامبا 26.98 1,138,683
الجمعيات العمومية .. الرتابة وضعف الوعي

من يملك الشركات المساهمة؟ سؤال بديهي يجيب عنه أي رجل يمر في الشارع دون مبالغة، لكن السؤال الذي تتلعثم الألسن عند الإجابة عنه هو: لماذا يغيب المالكون الحقيقيون عن محاسبة من فوضوهم لإدارة أملاكهم؟ وبعب

قطاع النفط.. قاطر للتنمية أم مُعوق لها!!

لا يخفى على الجميع ما للنفط من أهمية حيوية ودور استراتيجي في تركيبة الاقتصاد السعودي. فمنذ تأسيس المملكة وهي تعتمد بعد الله على النفط، وباستعراض النسبة المئوية لتوزيع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار

سرعة اتخاذ القرار تنقص "كثيرا" من المديرين

بعد مسألة الكفاءة والخبرة، يطرح اقتصاديون ومحللون ماليون جانبا ثانيا عن مديري صناديق الاستثمار العاملة في السوق السعودية، تتعلق بقدرتهم على سرعة اتخاذ القرار لضمان أعلى مكاسب للمستثمر في الصندوق. ويع

هل تبقى صناديق التحوط خياراً فعالاً؟

لقد جعلت الأحداث والتطورات التي شهدها عام 2008 بعض الناس يشككون في قدرة قطاع صناديق التحوط على الاستمرار . وفي حين ان المستثمرين باتوا معتادين على الانكماشات الكبيرة في أسواق الأسهم، إلا أن صناديق ال

الضغط الإعلامي لتمرير قرار السماح بتصدير

التصريح المنشور لوكيل وزارة التجارة والصناعة لشئون الصناعة "باستئناف تصدير الحديد دون شروط وان هناك عودة للسماح بأذونات التصدير للاسمنت والنفي بإلزام الوزارة المصانع بالبيع بسعر (10) ريالات وان البيع