ربما يكون انخفاض اسعار النفط مناسبة حقيقية لاعادة النظر, في العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية والعمل معا على اقامة مظلة امان مشتركة تجعل من التبعات السلبية لانخفاض اسعار النفط مسألة ثانوية, بل تساعد على اخراج الكثير من الدول العربية من نفق ازمة الفقر والامية والجهل, وتساعد في الوقت ذاته على محاربة التطرف والانقسامات والجريمة بالتنمية التي من دونها ستبقى هذه الدول ساحة للحروب والثورات والانتفاضات بالاضافة الى ان التزايد المستمر في معدلات الجريمة الفردية وتطورها الى جريمة منظمة تثقل كاهل المجتمعات ما يعني المزيد من الاتكال على الخارج اقتصاديا الذي لا شك يعني تبعية سياسية.

من الطبيعي ان يسود الهلع الدول المنتجة للنفط اذا كانت تعتمد كليا على هذه السلعة كمصدر للدخل القومي, خصوصا ان معظمها تعاني من ازمات اقتصادية وتحاول معالجتها من خلال المداخيل النفطية, خصوصا بعد الازمة المالية العالمية التي تركت اثارها السلبية على غالبية اقتصادات الدول التي لا تزال تعمل على ازالة تلك الاثار من دون ان تحقق تقدما كبيرا في هذا المجال نتيجة العوامل الذاتية لكل دولة, او بسبب عدم الاتفاق على ستراتيجية عالمية تساعد على الخروج من هذا النفق المظلم الذي لا نزال في منتصفه على العكس مما يعتقد الكثير من المراقبين.

ما يهمنا في هذا الشأن هو الجواب عن سؤال: كيف يمكن للعالم العربي الخروج من هذه الازمة باقل الضرر من دون المساس بمستوى الرفاهية الذي وصلت اليه بعض الدول, وكيف يمكن الحد من الاثار الاقتصادية السلبية على الدول الاقل رفاهية وقوة اقتصادية?

يمكن البدء في الاجابة من جعل العلاقة الخليجية- المصرية نموذجا والبناء عليها, فحين نقرأ في البيانات الرسمية ان “مصر العمق الستراتيجي للخليج, يعتقد الكثير ان هذه العبارة مجرد مجاملة رسمية او عبارة ديبلوماسية, لكن اذا تمعنا في طبيعة العلاقات بين مصر ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نجد ان اذا عطست مصر اصيب العالم العربي, وليس الخليج فقط بالانفلونزا, واذا عطس الخليج اصابت الحمى مصر, ولان الاخيرة هي اكبر دولة عربية, من حيث عدد السكان, لديها القدرة على ان تكون عمود مظلة الامان الاقتصادي للعالم العربي اذا نفذت الاتفاقات العربية – العربية بالكامل من دون حسابات سياسية مبنية على ظروف طارئة او ناتجة عن مناكفات اعتادتها السياسة العربية في العقود الخمسة الماضية, وبرزت بقوة في السنوات الاربع الماضية نتيجة لما شهدته بعض الدول.

قبل اي امر اخر لا بد من النظر بعين الواقع الى التأثيرات المباشرة للازمة المالية العالمية التي بدأت من مشكلة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الاميركية عام 2007 وشملت العالم اجمع في العامين 2008 و2009, على الدول العربية التي كانت تعاني من ازمات اقتصادية ووصل معدل الفقر فيها الى مستويات خطيرة, فمثلا, الفقر والحاجة الى تأمين لقمة عيش كريمة هي من دفعت التونسي محمد البوعزيزي الى احراق نفسه احتجاجا على سوء معاملة السلطات المحلية له وحرمانه من العمل ضمن الحيز المتاح له لتأمين لقمة عيشه, ورغم ان ما فعله هذا الشاب ادى لاحقا الى ثورة في تونس وصلت نارها الى بعض الدول العربية, غير ان الاسباب الحقيقية للثورة لم تناقش وها نحن اليوم نرى حلولا سياسية للازمة في تونس من دون النظر في خطط تنمية حقيقية تعالج الاسباب التي ادت الى تلك الثورة, وكانت الازمة المالية العالمية واحدة من اسبابها الا اننا لم نلحظ ذلك لان الحماسة السياسية كانت مسيطرة.

الازمة العالمية يمكن ان تكون الدرس الذي تتعلم منه الدول العربية معالجة امراضها وتأمين مقومات عيش كريمة لشعوبها في الوقت الذي يمكن فيه ايجاد مجالات حقيقية للاستثمار في الامن الغذائي والصناعي العربي, وخفض الاعتماد على الخارج, من خلال شراكات اقتصادية حقيقية, ثابتة وطويلة الاجل, ومن هنا نعود الى العلاقة بين مصر ودول الخليج, فمن خلال الاستثمار الخليجي في مصر, والمساعدة على استغلال ثرواتها الطبيعية, وبظل الوفرة باليد العاملة يمكن أن تحمي دول الخليج ذاتها غذائيا وصناعيا, بالاضافة الى انها تساعد على خفض معدل الفقر من خلال تنمية شاملة تتشارك فيها دول “مجلس التعاون” ومصر, ويمكن ان تشكل نواة لتنمية عربية شاملة, وتساعد ايضا على بقاء اليد العاملة في بلدانها ما يساعد لاحقا على ايجاد حلول واقعية لمسألة الخلل في التركيبة السكانية في بعض الدول العربية.

كيف يمكن انشاء هذه الشراكات هو ما سنبحث به في مقالات مقبلة.


د. غادة فايد ـ السياسة الكويتية

رمز السهم السعر حجم التداول
سابك 114.77 5,915,941
الجمعيات العمومية .. الرتابة وضعف الوعي

من يملك الشركات المساهمة؟ سؤال بديهي يجيب عنه أي رجل يمر في الشارع دون مبالغة، لكن السؤال الذي تتلعثم الألسن عند الإجابة عنه هو: لماذا يغيب المالكون الحقيقيون عن محاسبة من فوضوهم لإدارة أملاكهم؟ وبعب

قطاع النفط.. قاطر للتنمية أم مُعوق لها!!

لا يخفى على الجميع ما للنفط من أهمية حيوية ودور استراتيجي في تركيبة الاقتصاد السعودي. فمنذ تأسيس المملكة وهي تعتمد بعد الله على النفط، وباستعراض النسبة المئوية لتوزيع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار

سرعة اتخاذ القرار تنقص "كثيرا" من المديرين

بعد مسألة الكفاءة والخبرة، يطرح اقتصاديون ومحللون ماليون جانبا ثانيا عن مديري صناديق الاستثمار العاملة في السوق السعودية، تتعلق بقدرتهم على سرعة اتخاذ القرار لضمان أعلى مكاسب للمستثمر في الصندوق. ويع

هل تبقى صناديق التحوط خياراً فعالاً؟

لقد جعلت الأحداث والتطورات التي شهدها عام 2008 بعض الناس يشككون في قدرة قطاع صناديق التحوط على الاستمرار . وفي حين ان المستثمرين باتوا معتادين على الانكماشات الكبيرة في أسواق الأسهم، إلا أن صناديق ال

الضغط الإعلامي لتمرير قرار السماح بتصدير

التصريح المنشور لوكيل وزارة التجارة والصناعة لشئون الصناعة "باستئناف تصدير الحديد دون شروط وان هناك عودة للسماح بأذونات التصدير للاسمنت والنفي بإلزام الوزارة المصانع بالبيع بسعر (10) ريالات وان البيع