يتردد وزير المالية أنس الصالح في مصارحة الناس حينما يتحدث عن عجز في الموازنة ثم يقول أن الوضع المالي متين! هذا ما كان مدار انتقاد الأسبوع الماضي، إذ كيف لا ندق ناقوس خطر حقيقي مع عجز قد يستمر لسنوات إذا استمرت أسعار النفط منخفضة؟!

لم يعد إطلاق الكلام ونقيضه مفيداً، وفي «المالية العامة» لا مكان لكلام العلاقات العامة «الذي لا يودي ولا يجيب». ومع عجز الموازنة لا ينفع تدوير الزوايا لعدم إيذاء أحد، ولا جدوى في اعتماد أسلوب المداهنة والملاطفة والتهوين هروباً أو تجنباً لتداعيات سياسية لا طاقة لهذا وذاك على تحملها في جو خوف الوزراء على مناصبهم والنواب من ناخبيهم!

وفي ما يلي بعض الأمثلة الدالة على التخبط حيناً والخوف أحياناً أخرى، خوف يعبر عن نقص في رجالات.. هم رجالات دولة تعرف كيف تواجه الأزمات بجدارة:

1 - حديث ترشيد الدعم أو خفضه محلك سر منذ أكثر من سنتين.. وكل التصريحات حوله خائفة ومترددة.

2 - لا رؤية لتمويل العجز.. سواء بالاقتراض المباشر أو بالسندات والصكوك أو بالسحب من الاحتياطيات. علماً بأن وزارة المالية مولت عجز 2015/2014 ولم تقل صراحة كيف؟

3 - ميزانيات ينتقدها صندوق النقد والبنك الدوليان منذ سنوات وسنوات.. ولا إصلاح جذرياً فيها مخافة شيء ما بلا شك. 4 - لا رؤية قابلة للتطبيق حول إصلاح الخلل الهيكلي. بل كلام إنشائي عبارة عن قص ولزق سنة بعد سنة منذ عقود! 5 - لا رؤية واضحة عن رفع رسوم أو فرض ضرائب لزيادة الإيراد غير النفطي. بل كلام مكرر وقرار مؤجل.

6 - لا تنويع للاقتصاد ولا تنويع لمصادر دخله.. بل خطط عشوائية لا منهجية علمية فيها وفق تطبيق واضح الأهداف بجدول زمني معلن.

7 - لا ربط للإنفاق بأي أداء، ولا محاسبة عن التقصير أو التقاعس.. وحتى لا محاسبة على هدر أو فساد، كما يشتهي المواطنون ان تكون تلك المحاسبة.

8 - خوف مستمر من تعديل سياسات التوظيف العشوائي حتى بانت الإدارة العامة في الكويت الأكبر في العالم قياساً بحجم الاقتصاد وخدماته مع بطالة مقنعة ضاربة أطنابها طولاً وعرضاً.

9 - لا برامج خصخصة جديدة تزيد مساهمة المواطنين والقطاع الخاص في الناتج.

10 - أزمات سكن وصحة وتعليم متراكمة مما يجعل المواطن غير مستعد للتضحية طالما لا يحصل على خدمات أساسية هي من حقه أولاً وأخيراً.

أجرت القبس تحقيقاً مع عدد من الاقتصاديين والماليين والمصرفيين للوقوف على حقيقة ما سبق انطلاقاً من السؤال البديهي: ما أفضل السبل لتمويل العجز؟

البدر: أين نحن من الإصلاح الهيكلي والجذري المستدام؟

يؤكد الخبير الاقتصادي الرئيس السابق لمجلس ادارة بنك الخليج وعضو المجلس الأعلى للتخطيط علي رشيد البدر أن الحكومات اذا واجهها عجز في الميزانية - اي عندما تتجاوز مصروفاتها ايراداتها - تقوم بالسحب من السيولة المتوافرة في احتياطياتها لتغطية ذلك العجز، فاذا لم تتوافر سيولة كافية في تلك الاحتياطيات تقوم الدولة باصدار سندات خزينة محلية تستخدم حصيلتها في سداد العجز، وتقبل البنوك المحلية على شراء تلك السندات باعتبارها اوراقا حكومية مضمونه، وتعتبر جزءا من السيولة الفنية للبنوك وفقا لمعايير البنوك المركزية.

واوضح البدر أن الاصل اذن هو عدم الاقتراض اذا توافرت للدولة سيولة كافية في احتياطياتها، فالاقتراض له كلفته المالية والسياسية.موضحاً أنه وحسب المعلومات المتداولة اعلاميا، فان هناك سيولة كافية متوافرة حالية في الاحتياطي العام تمكن وزارة المالية الكويتية من تغطية العجز في السنة القادمة كما فعلت في السنة الماضية.

وذكر أن الاصل ايضا ان الدولة مثل الفرد العادي لا يصح لها الاقتراض للصرف على الاستهلاك او تشييد مبان فاخره مكلفة اضافية للاجهزة الحكومية بحيث يجب ان يقتصر اي اقتراض على بناء مشروعات جديدة مدرة للدخل تولد ايرادات فعلية جديدة تمكن الدولة من سداد تلك القروض بعد ذلك والا اصبح مستقبلنا مظلما ومشاكلنا اكبر مثل اليونان الآن. وأفاد البدر انه وفقا لذلك فان مواجهة العجز السنوي المتوقع في السنوات القادمة مع تزايد مصروفات الدولة الاستهلاكية وتراجع دخلها من النفط تتطلب معالجة هيكلية جذرية واصلاحا اساسيا في ادارة وسياسة الدولة الاقتصادية والمالية الحالية، بما يخفض من تلك المصروفات ويرفع من الايرادات بما يحمي اوضاع البلد المالية ومستقبله ويضمن حقوق اجياله القادمة، ويوفر في الوقت نفسه بيئة تنموية فعالة تهدف الى تنويع مصادر الاقتصاد الوطني بشكل حقيقي وتستحث همة المواطنين في العمل والانتاج ومشاركتهم الجدية والفعالة في تملك الاقتصاد الوطني وادارته وتنميته.

وأشار إلى أنه يجب ان تتضمن اعادة الهيكلة هذه البدء فورا وبدون تأخير بمشروع التخصيص العام، بحيث تقلص الدولة من هيمنتها وملكيتها الحالية المفرطة على %70من اعمال الاقتصاد الوطني، وبالذات التوقف عن تأسيس الهيئات الحكومية الجديدة المكلفة والتي لا حاجة فعلية اليها، ووقف التعيين الالزامي لكل خريج سواء تحتاجه الدولة او لا، والاكتفاء بمنح من لا تعينه الدولة بدل بطالة محدودة!

وأكد أنه وبخلاف تلك المعالجة الاساسية، فان المالية العامة ومستقبل البلد معها سوف يتعرض لمخاطر حتمية لن نتمكن من التعامل معها، وكلما تأخر الاصلاح المطلوب زادت تلك المخاطر وتضاعفت، وسيدفع الثمن اجيالنا القادمة.

الوزان: لطرح سندات وصكوك تكتتب بها البنوك

أكد نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت عبد الوهاب الوزان انه يجب إصدار سندات وصكوك لمصلحة تمويل عجز الموزانة، لأن هناك فائضا بالبنوك كبيرا، وباستطاعه بنك الكويت المركزي أن يصدر سندات بربحية معينة او صكوك بعوائد محددة.

وأوضح الوزان أن الطريقة التي تكلم عنها محافظ بنك الكويت المركزي مؤخراً، والخاصة بتمويل الميزانية في حال العجز متوازنة وصحية، على ألا تمس احتياطات الأجيال القادمة، ولا تمس الاستثمارات، وهذا هو الطريق الصحيح. وباستطاعة الدولة الاستعانة بالبنوك والشركات، وستكون الحكومة مستفيدة بإصدار سندات أو صكوك بفوائد محددة سنوية، وفي الوقت ذاته البنوك والقطاع الخاص مستفيد من توظيف السيولة الفائضة.

وذكر الوزان أن طرح سندات او صكوك من قبل الحكومة للاكتتاب بها من قبل البنوك يمثل حجر زاوية رئيسي في امتصاص السيولة الفائضة التي تمتلكها البنوك والمودعة لدى بنك الكويت المركزي والتي تبحث عن استثمارها بشكل آمن.

وأشار إلى أن خيارات تمويل العجز في الموازنة تحقق المعادلة الصعبة للبنوك وشركات التمويل من خلال الاستثمار الآمن والمضمون من قبل الحكومة والمساهمة في الوقت نفسه في تمويل خطط التنمية بشكل فعال.

وذكر ان السندات التي طرحها بنك الكويت المركزي والتي بلغت 1.9 مليار دينار بنهاية يونيو الماضي هي الوسيلة الوحيدة أمام البنوك لتحريك واستثمار السيولة الفائضة بعد انسداد وسائل التمويل المتاحة في خطط التنمية.

العتيبي: الاقتراض أفضل لا سيما لتمويل مشاريع التنمية

قال وزير التجارة والصناعة الأسبق ورئيس مجلس إدارة شركة المقاولات والخدمات البحرية (بحرية) هشام العتيبي، إن أفضل السبل لتمويل عجز الموازنة للدولة، هو الاقتراض من البنوك، أو إصدار سندات وصكوك. وأضاف العتيبي أنه قبل البحث عن سبل تمويل العجز لا بد من تقييم العجز نفسه، أهو عجز دفتري أم نقدي، ومن ثم نقرر. لكن بالنهاية أفضل سبل لتمويل العجز اللجوء إلى الاقتراض من البنوك، أو إصدار السندات والصكوك، لافتاً إلى ان عملية الاقتراض ليست بدعة، وإنما تأتي منسجمة مع تجربة الكويت السابقة بعد التحرير، والتي تمكنا خلالها من إدارة تمويل وإعادة الإعمار بكفاءة واقتدار. وأشار إلى ان الاقتراض الحكومي سيكون مضمونا وآمناً، على اعتبار القوة والملاءة المالية التي تتمتع بها الكويت، والتي تمثل افضل استثمار في الوقت الراهن. وذكر أن التراجعات الحادة لأسعار النفط منذ يوليو من العام الماضي 2014 وحتى الآن، والتي جعلت النفط يفقد أكثر من %60 من قيمته يجعل من الصعب تمويل مشاريع التنمية المليارية من دون مشاركة البنوك والقطاع الخاص بها.

واكد أنه لا يجب أن نكرر تجربة عام 1997 التي تم فيها السحب من الاحتياطي العام للدولة لسد تمويل العجز، حيث كان وقتها سعر برميل النفط 7 دولارات، لو قامت الحكومة وقتها بالاقتراض لكان افضل.

«حرام» بأي حال من الأحوال القيام ببيع الأصول في الوقت الحالي.

السعدون: المشكلة مستمرة في إدارة حكومية كانت «عاجزة» حتى أيام الرخاء! قال رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون ان الإدارة الحالية عاجزة عن إدارة الأمور حتى في أيام الرخاء، فكيف لها أن تديرها في هذه الأيام. فالكويت تواجه مشكلة من ناحية أن النفقات غير مجدية، والايرادات هابطة. فالقضية ليست في كيفية تمويل العجز بمقدار ماهية وضع خطط لتخفيض النفقات، وزيادة الايرادات. فمنذ عام 2003 وحتى 2013 زادت النفقات بنسبة %13 في نمو سنوي مركب.

للمزيد عن المقال:

http://www.alqabas.com.kw/Articles.aspx?ArticleID=1078689&CatID=486


تامر حماد ـ القبس

رمز السهم السعر حجم التداول
سابك 114.77 5,915,941
الجمعيات العمومية .. الرتابة وضعف الوعي

من يملك الشركات المساهمة؟ سؤال بديهي يجيب عنه أي رجل يمر في الشارع دون مبالغة، لكن السؤال الذي تتلعثم الألسن عند الإجابة عنه هو: لماذا يغيب المالكون الحقيقيون عن محاسبة من فوضوهم لإدارة أملاكهم؟ وبعب

قطاع النفط.. قاطر للتنمية أم مُعوق لها!!

لا يخفى على الجميع ما للنفط من أهمية حيوية ودور استراتيجي في تركيبة الاقتصاد السعودي. فمنذ تأسيس المملكة وهي تعتمد بعد الله على النفط، وباستعراض النسبة المئوية لتوزيع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار

سرعة اتخاذ القرار تنقص "كثيرا" من المديرين

بعد مسألة الكفاءة والخبرة، يطرح اقتصاديون ومحللون ماليون جانبا ثانيا عن مديري صناديق الاستثمار العاملة في السوق السعودية، تتعلق بقدرتهم على سرعة اتخاذ القرار لضمان أعلى مكاسب للمستثمر في الصندوق. ويع

هل تبقى صناديق التحوط خياراً فعالاً؟

لقد جعلت الأحداث والتطورات التي شهدها عام 2008 بعض الناس يشككون في قدرة قطاع صناديق التحوط على الاستمرار . وفي حين ان المستثمرين باتوا معتادين على الانكماشات الكبيرة في أسواق الأسهم، إلا أن صناديق ال

الضغط الإعلامي لتمرير قرار السماح بتصدير

التصريح المنشور لوكيل وزارة التجارة والصناعة لشئون الصناعة "باستئناف تصدير الحديد دون شروط وان هناك عودة للسماح بأذونات التصدير للاسمنت والنفي بإلزام الوزارة المصانع بالبيع بسعر (10) ريالات وان البيع