كتبت راشيل بيثر، عضوة معهد المحللين الماليين المعتمدين، وعضوة جمعية المحللين الماليين المعتمدين في الإمارات عن ان استقطاب الاستثمارات الأجنبية يواصل تصدر عوامل ازدهار الاقتصادات الخليجية. وقالت: يعتبر تنويع الموارد الاقتصادية الركيزة الرئيسية لسعي الاقتصادات الخليجية إلى تقليص اعتمادها على العائدات النفطية كمورد أساسي لتمويل نموها الاقتصادي. وقد لعب استقطاب الاستثمارات الأجنبية وسوف يظل يلعب دوراً رئيسياً في هذا التنويع.

وفي الوقت الذي يقوم فيه الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل بديهي بتنويع مصادر تمويل تنمية الاقتصادات الخليجية، إلا أن منافعه أكثر بكثير من كونها مجرد منافع ذات طبيعة مالية. ولا تقتصر دوافع دول المنطقة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية حصراً على دخولها مصدراً أكبر لرؤوس الأموال، رغم أن ذلك يشكل ميزة بالتأكيد. إذ إن الاستثمارات الأجنبية تعزز الطاقات الانتاجية للاقتصادات التي تستقطبها ولا تضيف إليها رؤوس الأموال فحسب، بل تعززها بالتكنولوجيا والمهارات الانتاجية والأنظمة الإدارية المتطورة أيضاً. كما أن إضافة مستثمرين رفيعي المستوى إلى هيكل المستثمرين كفيل بإحداث فرق ملموس في الشركات التي يستثمرون فيها أو يدخلونها كشركاء، حيث يجلبون معهم معايير دولية للحوكمة المؤسسية والخبرة والتكنولوجيا. وتوفر الاستثمارات الأجنبية فرصة تتيح للشركات الخليجية تطوير قدراتها المحلية عبر تلك المعايير وجعلها أكثر تنافسية على الساحة العالمية. وفي الواقع، أكد أحدث إصدارات مؤشر التنافسية العالمية على الابتكار والمهارات بصفتهما المحفزين الرئيسيين للنمو الاقتصادي.

وتعترف الكثير من شركات الاستثمار الحكومية في دول المنطقة بهذه الحقائق وتركز على نموذج عمل يعتمد على الشراكات الدولية لتعزيز جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ويهيمن هذا النموذج بصفة خاصة في القطاعات ذات الاستخدام الكثيف لرؤوس الأموال والتكنولوجيا، أمثال الصناعات الجوية والفضائية والطاقة والصناعة. ويؤدي اعتماد كبرى الشركات الخاصة على استغلال أفضل قدراتها، إلى نقل المعرفة والتكنولوجيا الحيوية لتعزيز تنافسية شركات المنطقة.

ويقوم المستثمرون العقلاء بالاستثمار في الفرص التي توفر لهم أفضل العائدات المحتسبة بعد استقطاع نسب المخاطر والعديد من المتطلبات الرئيسية للاستثمارات الأجنبية المرتبطة مباشرة بتفهُّم مخاطر الأسواق. وتشتمل تلك المتطلبات على الشفافية والمحاسبة والحوكمة المؤسسية السليمة وسيادة القانون وغياب الفساد. ورغم ضخامة حجم المعلومات المتوافرة للعموم، وعلى غرار معظم الأمور في الحياة يجب التركيز على الجودة، وليس الكمية، لا تزال هناك بعض المفاهيم الخاطئة حول الاستثمار في الشرق الأوسط.

ويعترف ماثيو هيرن، رئيس مجلس إدارة جمعية أمناء الصناديق المؤسسية في الشرق الأوسط، بأن الافتقار الى الشفافية أو الاعتقاد بوجود ذلك يشكل عقبة أمام استقطاب المنطقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة. وفي سياق توضيحه لذلك، يقول هيرن: «تتدفق رؤوس الأموال إلى الشركات القادرة على إقامة الدليل على التزامها بنموذج عمل سليم والشفافية والحوكمة المؤسسية. وتشكل الاستثمارات الأجنبية المباشرة مؤشراً على الشركات التي تلتزم بمعايير دولية في هذه المجالات».

وكان كاتب المقالات الشاعر الأميركي رالف والدو إميرسون قد قال ذات مرة: «ينجم الخوف دوماً من الجهل». وفي هذا السياق يمكننا القول ان الأسواق المغلقة تعزز سوء الفهم. وحيث انه كثيراً ما يُساء فهم ما لا نفهم، تتمثل الطريقة الواضحة لقيام دول الخليج بتوضيح الأمور للمستثمرين المهتمين أو على الأقل تخفيف مخاوفهم حول الافتقار الى الشفافية، من خلال مواصلة تعزيز شفافية وانفتاح أسواقها.

وفي إطار تعليقه على انفتاح سوق الأسهم السعودية أمام المستثمرين الأجانب، قال زاكاري سيفاراتي، مسؤول المخاطر في شركة دَلما كابيتل لإدارة الأصول في دبي: «يعتبر فتح الأسواق أشبه بفتح بوابات أحد السدود، حيث إنه بمجرد فتح الأسواق يصبح تعزيز درجة فتحها أسهل من إعادة إغلاقها».

وتشكل هذه المعطيات دورة اقتصادية حميدة، لأن منافع الاستثمارات الأجنبية لا تقتصر على تعزيز العائدات عبر نقل المعرفة وزيادة الطاقات الانتاجية، لكنها تمتد لتشمل تخفيض تكلفة المخاطر عبر تعزيز التفهُّم. إضافة إلى ذلك، تحتاج الاستثمارات الأجنبية إلى تعزيز العلاقات بين الحكومات عبر توضيح الأنظمة وتوفير مناخ أعمال سليم والاستقرار السياسي والاجتماعي.

وتكشف التدفقات الرأسمالية العالمية الكثير عن الأسواق الدولية من وجهتي النظر المالية والأخلاقية على حد سواء. ولا يقوم المستثمرون المؤسسيون باستثمار أموالهم ببساطة في الأسواق التي يعتقدون أنها توفر لهم أعلى العائدات، ولكنهم يبحثون عن الأسواق التي توفر الأمان لاستثماراتهم وشفافية تقييم قيمة الأصول التي يستثمرون فيها. ولذلك، تؤكد الاستثمارات الأجنبية في منطقة الخليج نزاهة الأسواق الخليجية وتشكل عاملاً حاسماً في تعزيز تنافسية الشركات الخليجية على الساحة العالمية.v


راشيل بيثر ـ القبس

رمز السهم السعر حجم التداول
سابك 114.77 5,915,941
الجمعيات العمومية .. الرتابة وضعف الوعي

من يملك الشركات المساهمة؟ سؤال بديهي يجيب عنه أي رجل يمر في الشارع دون مبالغة، لكن السؤال الذي تتلعثم الألسن عند الإجابة عنه هو: لماذا يغيب المالكون الحقيقيون عن محاسبة من فوضوهم لإدارة أملاكهم؟ وبعب

قطاع النفط.. قاطر للتنمية أم مُعوق لها!!

لا يخفى على الجميع ما للنفط من أهمية حيوية ودور استراتيجي في تركيبة الاقتصاد السعودي. فمنذ تأسيس المملكة وهي تعتمد بعد الله على النفط، وباستعراض النسبة المئوية لتوزيع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار

سرعة اتخاذ القرار تنقص "كثيرا" من المديرين

بعد مسألة الكفاءة والخبرة، يطرح اقتصاديون ومحللون ماليون جانبا ثانيا عن مديري صناديق الاستثمار العاملة في السوق السعودية، تتعلق بقدرتهم على سرعة اتخاذ القرار لضمان أعلى مكاسب للمستثمر في الصندوق. ويع

هل تبقى صناديق التحوط خياراً فعالاً؟

لقد جعلت الأحداث والتطورات التي شهدها عام 2008 بعض الناس يشككون في قدرة قطاع صناديق التحوط على الاستمرار . وفي حين ان المستثمرين باتوا معتادين على الانكماشات الكبيرة في أسواق الأسهم، إلا أن صناديق ال

الضغط الإعلامي لتمرير قرار السماح بتصدير

التصريح المنشور لوكيل وزارة التجارة والصناعة لشئون الصناعة "باستئناف تصدير الحديد دون شروط وان هناك عودة للسماح بأذونات التصدير للاسمنت والنفي بإلزام الوزارة المصانع بالبيع بسعر (10) ريالات وان البيع