في الماضي كان الناس يلجأون إلى ادخار ثرواتهم ذهبا أو فضة.. خصوصا أن العملات كانت تسك بهما.. ومع إنشاء المصارف أخذ الناس يودعون مدخراتهم فيها.. مما لفت انتباه هذه المصارف على اكتناز خزائنها بأموال ضخمة ليست مما بدأت به نشاطها، وليست مما تمدها به البنوك المركزية، فأخذت بإقراضها مقابل فوائد معلومة فنشأ عن ذلك ما بات يعرف بالأموال الائتمانية.

عكس هذا في البدايات حراكا استثماريا وتزايدا للثروة، خصوصا في قطاع المصارف وبيوت المال، ثم إن هذا القطاع أضاف إلى أدواته المالية ما عرف بالمشتقات كالسندات وغيرها وتمت المبالغة في الإقراض وتوسع فيه باتجاه حاد اعتمد السياسة المالية على حساب السياسة الاقتصادية التي ترتكز على البنية الإنتاجية كأساس؛ فنجم عن ذلك تضخم هائل قاد إلى ما أصبح يعرف بالأزمة المالية العالمية 2008. كانت الأموال الائتمانية مصدرا يربح فيه المودع والمقرض "بنكا أو مصرفا" بل يجد فيه المقترض عونا على تفعيل نشاطه الاستثماري أو سد احتياجاته الضرورية، إلا أن التوسع في حركة الإقراض عكس آثارها بزيادات في أسعار السلع، وبالتالي نشوء ظاهرة التضخم التي جعلت المقترضين يواجهون عدم القدرة على تسديد ديونهم للمصارف لأن ما يشترونه تتراجع عوائده أو تتآكل بفعل الزيادة المطردة في الأسعار أو خدمة الدين. لم يكن التضخم وتآكل المدخرات بفعل ازدياد الأسعار فحسب، وإنما أيضا كان للمضاربات في الأسواق المالية وسوء الاستثمار فيها مع بطاقات الائتمان والمشتقات دورها في بلوغ التضخم حدا لم تستطع معه حتى المصارف من السيطرة عليه ما قاد بعضها إلى الإفلاس واضطرت معه حتى الدول الكبرى مثل أمريكا وبريطانيا وغيرهما إلى التدخل بشراء حصص فيها محطمة سياساتها التقليدية بنهج الاقتصاد الحر وترك اليد الخفية تدير السوق.

فترة الكساد العالمي التي أحاقت بالاقتصاد الدولي في 1928 يعيدها معظم المحللين لحمى المضاربة والسحوبات الفجائية من المصارف فيما يعيد المراقبون الأزمة العالمية عام 2008 إلى توحش سياسة السوق بالإفراط في السياسة المالية.. وطبعا ليس بوسعنا إلا أن نرى سببا واحدا يكمن وراءه ذلك وهو عامل "الربح". وقد ينظر إلى القول بهذا العامل كسبب وحيد على أنه نوع من التبسيط، لكن تبقى الحقيقة في أن الجشع في تحقيق مزيد من الربح سبب حاسم في الخسارة على مستوى الأفراد والمؤسسات والدول.. خسارة أفلس فيها الأفراد وأفلست فيها مصارف كبرى ومؤسسات ودول مثل اليونان وأخرى حاول الاتحاد الأوروبي والصندوق والبنك الدولي إنقاذها وما زال مسارها عسيرا في تجاوز الأزمة. إنها مفارقة اقتصادية أن يكون الربح سببا للخسارة.. وهي مفارقة لا تسجل تحفظا ضد أهمية الربح وضرورته ليكسب الجميع ولتتدفق حركة الثروة لمصلحة الاستقرار الاقتصادي، وإنما هي مفارقة تسجل عجز جميع النظريات والأطروحات الاقتصادية رأسمالية أو اشتراكية أو مختلطة، عاجزة حتى الآن عن الوصول إلى آليات ناجعة لإدارة الثروة وتوزيع منافعها دون مزالق تحولها إلى عدو يهدد الكرامة الإنسانية بالاستغلال وحق الجميع بما يوفر لهم العيش بأمن وسلام.


كلمة الاقتصادية ـ جريدة الإقتصادية

رمز السهم السعر حجم التداول
سابك 114.77 5,915,941
سامبا 26.98 1,138,683
الجمعيات العمومية .. الرتابة وضعف الوعي

من يملك الشركات المساهمة؟ سؤال بديهي يجيب عنه أي رجل يمر في الشارع دون مبالغة، لكن السؤال الذي تتلعثم الألسن عند الإجابة عنه هو: لماذا يغيب المالكون الحقيقيون عن محاسبة من فوضوهم لإدارة أملاكهم؟ وبعب

قطاع النفط.. قاطر للتنمية أم مُعوق لها!!

لا يخفى على الجميع ما للنفط من أهمية حيوية ودور استراتيجي في تركيبة الاقتصاد السعودي. فمنذ تأسيس المملكة وهي تعتمد بعد الله على النفط، وباستعراض النسبة المئوية لتوزيع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار

سرعة اتخاذ القرار تنقص "كثيرا" من المديرين

بعد مسألة الكفاءة والخبرة، يطرح اقتصاديون ومحللون ماليون جانبا ثانيا عن مديري صناديق الاستثمار العاملة في السوق السعودية، تتعلق بقدرتهم على سرعة اتخاذ القرار لضمان أعلى مكاسب للمستثمر في الصندوق. ويع

هل تبقى صناديق التحوط خياراً فعالاً؟

لقد جعلت الأحداث والتطورات التي شهدها عام 2008 بعض الناس يشككون في قدرة قطاع صناديق التحوط على الاستمرار . وفي حين ان المستثمرين باتوا معتادين على الانكماشات الكبيرة في أسواق الأسهم، إلا أن صناديق ال

الضغط الإعلامي لتمرير قرار السماح بتصدير

التصريح المنشور لوكيل وزارة التجارة والصناعة لشئون الصناعة "باستئناف تصدير الحديد دون شروط وان هناك عودة للسماح بأذونات التصدير للاسمنت والنفي بإلزام الوزارة المصانع بالبيع بسعر (10) ريالات وان البيع