أسهم شركات الأدوية العالمية تتلقى ضربة من قرار ترمب المفاجئ

2025/05/12 16:29 توقيت العربي

تراجعت أسهم شركات الأدوية في الأسواق العالمية بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عزمه خفض أسعار الأدوية الموصوفة في الولايات المتحدة لمواكبة أسعارها في الدول الأخرى، ما أثار مخاوف من تأثر الأرباح سلبًا.

في أوروبا انخفضت أسهم شركات الأدوية، بما في ذلك نوفو نورديسك وأسترازينيكا وروتش هولدينج إيه جي، متخلفةً عن موجة صعود أوسع نطاقًا.

أما في آسيا، فسجلت المجموعة الفرعية للأدوية في مؤشر توبكس الياباني أكبر خسارة يومية لها منذ أغسطس. كما تراجعت أسهم شركات الأدوية الأمريكية، حيث انخفضت أسهم شركات إيلي ليلي وفايزر وبريستول مايرز سكويب وميرك في تعاملات ما قبل افتتاح السوق في نيويورك.

تأتي هذه الانخفاضات بعد أن صرّح ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه ينوي توقيع أمر تنفيذي بخفض أسعار الأدوية الموصوفة في تمام الساعة التاسعة صباح يوم الاثنين في واشنطن، بعد ظهور تقارير عن الخطة الأسبوع الماضي. ولم يوضح منشوره على وسائل التواصل الاجتماعي كيفية تطبيق الأمر، أو أي حدود قد تُطبق.

تلك الخطوة المفاجئة من ترمب تهدف إلى إعادة العمل بمبدأ "الدولة الأولى بالرعاية"، من أجل خفض أسعار الأدوية في الولايات المتحدة.

وقال ستيفان شنايدر، المحلل في بنك فونتوبل، في مذكرة: "من المحتمل أن يكون لهذا تأثير سلبي للغاية في الصناعة"، مضيفًا أن الخطة ستُوجه على الأرجح إلى برنامجي الرعاية الصحية (ميديكير) وميديكيد وبعض المستشفيات. وأضاف شنايدر: "من المرجح أن تُواجه هذه الخطوة دعاوى قضائية من قِبل قطاع صناعة الأدوية".

يأتي هذا الإعلان، الذي تحدث عنه ترمب عبر منصات التواصل الاجتماعي، كتحول لافت عن موقف حملته الانتخابية في 2024، التي تراجعت عن هذا المقترح سابقاً، الأمر الذي لقي ترحيباً حينها من شركات الأدوية. لكن عودته الآن تثير قلق المستثمرين في قطاع الرعاية الصحية، بحسب "بارونز".

يدفع الأمريكيون أعلى سعر للأدوية في العالم، ما يُعزز الابتكار ويدفع عجلة نمو هذه الصناعة. وتتفاوض الحكومة الأمريكية بالفعل على أسعار بعض الأدوية الأعلى تكلفةً والمستخدمة في برنامج الرعاية الصحية (ميديكير) بموجب قانون خفض التضخم، الذي صدر عام 2022 في عهد الرئيس السابق جو بايدن، ومن المقرر إضافة مزيد من الأدوية سنويًا.

والسؤال المطروح هو، ما الذي يعنيه هذا القرار بالنسبة إلى صناعة الأدوية؟

كتب هيديمارو ياماجوتشي، محلل قطاع الرعاية الصحية في سيتي جروب جلوبال ماركتس اليابان، في مذكرة أن الشركات التي تعتمد على الولايات المتحدة في جزء كبير من مبيعاتها، بما في ذلك شركة تاكيدا اليابانية للأدوية، وأستيلاس فارما، وأوتسوكا القابضة، معرضة للخطر بشكل خاص.

وبالنسبة لقطاع الأدوية الأوروبي، تُحقق شركات مثل نوفو نورديسك، وأسترازينيكا، وروش، ونوفارتس إيه جي، وجلاكسو سميث كلاين، وسانوفي إس إيه، ما بين 40% و60% تقريبًا من إيراداتها في الولايات المتحدة، وفقًا لبيانات جمعتها بلومبرج.

كما تأثرت أسهم شركة نوفو نورديسك، التي انخفضت بنسبة 8.6% في التعاملات المبكرة، بعد أن أظهرت دراسة مقارنة أن عقار زيباوند لعلاج السمنة من إنتاج شركة إيلي ليلي ساعد الناس على تقليص أوزانهم مقارنة بعقار ويجوفي من إنتاج شركة نوفو.

تعتمد إعادة تفعيل هذه السياسة، التي تم اقتراحها لأول مرة في 2020، على تحديد أسعار الأدوية في الولايات المتحدة استنادا إلى الأسعار المخفضة التي تدفعها الدول المتقدمة الأخرى. الفكرة هي أن أسعار الأدوية في أمريكا، التي تكون عادةً أعلى بكثير من تلك الموجودة في دول أخرى، ستتم محاكاتها لتتوافق مع أدنى الأسعار المدفوعة في هذه الدول.

وفقا لتقرير صدر في 2024 بتكليفٍ من وزارة الصحة الأمريكية، كانت أسعار الأدوية الموصوفة ذات العلامات التجارية في الولايات المتحدة أعلى 422% في المتوسط ​​من أسعارها في الدول الغنية الأخرى. وحتى مع تعديل الخصومات التي تدفعها شركات الأدوية لمديري استحقاقات الصيدليات في الولايات المتحدة، فإن الأسعار في الولايات المتحدة أعلى 308%.

يأتي هذا القرار في ظل فجوة شاسعة بين أسعار الأدوية في الولايات المتحدة وبقية الدول. فعلى سبيل المثال، يبلغ سعر دواء السمنة الشهير "ويجوفي" من شركة "نوفو نورديسك" نحو 1,339 دولاراً شهرياً في أمريكا، بينما يُباع في ألمانيا بـ328 دولاراً فقط.

تنفيذ هذه السياسة سيؤثر بشكل كبير في صناعة الأدوية، حيث من المتوقع أن يواجه صناع الأدوية ضغطًا كبيرًا على أرباحهم. مثلا، أدوية السرطان مثل دواء Keytruda من ميرك، الذي تكلفته في الولايات المتحدة 191 ألف دولار سنويا، بينما تكلفته في دول أخرى مثل اليابان لا تتجاوز 44 ألف دولار و91 ألف دولار في فرنسا.

في مذكرة يوم الجمعة، قدّم المحلل كارتر جولد من شركة كانتور فيتزجيرالد تخمينات حول تأثير خفض مراكز الرعاية الطبية والخدمات الطبية (CMS) لأسعار كلٍّ من برامج الرعاية الطبية على أرباح شركات الأدوية. قدّر جولد أنه مع خفض الأسعار بنسبة 10% في مراكز الرعاية الطبية والخدمات الطبية، ستتأثر أرباح فايزر 7.5% في 2026، بينما ستتأثر أرباح ميرك وإيلي ليلي 6.5% و4.3% على التوالي.

من جانبها، رفضت شركات صناعة الأدوية المقترح بشدة. قال أليكس شريفر، من "فارما"، في بيان: "إن تحديد الحكومة للأسعار بأي شكل من الأشكال أمر سيئ للمرضى الأمريكيين. في الوقت الذي نواجه فيه منافسة متزايدة من الصين، ينبغي لصانعي السياسات التركيز على إصلاح عيوب النظام الأمريكي، وليس استيراد سياسات من الخارج".

جريدة الإقتصادية