العالم يصر على المضي قدماً في العمل الجماعي بدون الولايات المتحدة

2025/11/25 08:50 توقيت العربي

في كلمته الافتتاحية لقمة مجموعة العشرين، وجّه رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، انتقاداً لاذعاً للولايات المتحدة، في تعبير عن تحدٍ للموقف الأمريكي بالابتعاد الاختياري عن الهيئات متعددة الأطراف التي كانت واشنطن تدعمها سابقًا.

وصرح رامافوزا، مبتسماً، بأن الاتفاق المشترك الذي توصلت إليه الدول التسع عشرة المتبقية، بعد مقاطعة ترامب للاجتماع وطلبه من الدول الأخرى عدم التوقيع على بيان ختامي، «يؤكد التزامنا المتجدد بالتعاون متعدد الأطراف».

ودعا إعلان جوهانسبرغ، المؤلف من 30 صفحة، إلى زيادة التمويل لمشاريع الطاقة المتجددة، وسلاسل توريد معادن حيوية أكثر إنصافاً، وتخفيف أعباء الديون عن الدول الأكثر فقراً، من بين قضايا أخرى.

وقال رامافوزا، الذي رفض طلباً أمريكياً في اللحظة الأخيرة بإرسال دبلوماسي لقبول التسليم الرسمي لرئاسة مجموعة العشرين، التي تتولى الولايات المتحدة رئاستها في ديسمبر: «سنلتقي مجدداً العام المقبل في الولايات المتحدة».

وأكد قائلاً: «أهدافنا المشتركة تفوق اختلافاتنا».

وكانت مجموعة العشرين تأسست عام 1999 كمنتدى لمعالجة الأزمات الاقتصادية، مثل النزاعات التجارية وعدم الاستقرار المالي، ويناقش قادة المجموعة الآن قضايا أوسع نطاقاً مثل تغير المناخ والتوترات الجيوسياسية.

وقاطع ترامب الاجتماع، قائلاً إنه «عار تام» أن تستضيف جنوب أفريقيا هذا الحدث، مكرراً ادعاءاته بأن البلاد تضطهد سكانها البيض.

وسلطت نتائج مجموعة العشرين، إلى جانب تحدٍ مماثل من دول أخرى في مؤتمر المناخ «كوب 30»، الضوء على انسحاب أمريكا من مجموعات كانت يوماً ما محورها، واستعداد الآخرين للمضي قدماً بغض النظر عن ذلك.

وقال بيتر أتارد مونتالتو، المدير الإداري لمؤسسة كروثام الاستشارية ومقرها جوهانسبرغ: «بينما ستحاول العديد من الدول استيعاب الولايات المتحدة في بعض النواحي، إلا أن هناك خطاً أحمر لن تتجاوزه».

وأضاف: «على وجه الخصوص، أظهرت قمة جنوب أفريقيا استعداد الدول للتحرك ضد رغبات الولايات المتحدة في حماية التعددية، وهذا أمر بالغ الأهمية».

قبل يومين من بدء قمة مجموعة العشرين، عقد المسؤولون من الدول المشاركة، المكلفون بصياغة إعلان مشترك، اجتماعاً غير رسمي لتحديد ما إذا كان من الممكن إصدار أي شكل من أشكال البيان الجماعي.

وقال البعض إن معارضة ترامب تعني أنه لا ضرورة لذلك، لكن عدداً من المندوبين الأوروبيين ردوا بأن التخلي عن هذا الجهد لن يلقي بظلاله على قمة مجموعة العشرين فحسب، بل سيعني أيضاً تنازل العواصم الأخرى عن سيادتها لواشنطن.

وقال مصدر مطلع: «كان هناك شعور بضرورة إرسال رسالة قبل رئاسة الولايات المتحدة للمجموعة». وعادت هذه المشاعر للبروز خلال القمة، حيث اجتمع القادة الأوروبيون، إلى جانب اليابان وكندا، لمناقشة الرد على خطة السلام الأمريكية الروسية لأوكرانيا، وردوا على الضغوط الأمريكية بالدعوة إلى «عمل إضافي» على «المسودة».

من ناحية أخرى، وفي قمة «كوب 30» في البرازيل، التي تغيبت عنها الولايات المتحدة أيضاً، اتفق الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ودول أخرى على صفقة أقل طموحاً مما كان مأمولاً، لكنهم أنقذوا التعاون المناخي العالمي، على الرغم من المخاوف من أن تتبع دول أخرى قرار ترامب بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ للمرة الثانية.

وقال إد ميليباند، وزير الطاقة والمناخ البريطاني: «في وقتٍ تتعرض فيه التعددية لضغوط شديدة، أعتقد أنه من الجيد أن الدول قد اجتمعت وقالت، في الواقع، نريد التعددية».

كما قال فوبكي هوكسترا، مفوض المناخ في الاتحاد الأوروبي، إنه في حين أنه «ليس من السهل دائماً التوصل إلى توافق في الآراء، إلا أنه كان قوياً للغاية أن تؤكد 194 دولة استعدادها للعمل معاً لمعالجة تغير المناخ».

لكن تبقى حقيقة أن انسحاب الولايات المتحدة من كلا الحدثين يلقي بضغوطه على فكرة التعاون العالمي. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصحفيين في قمة العشرين:

«يُمثل الاجتماع الأول في القارة الأفريقية علامة فارقة في مسيرة مجموعة العشرين لكن يجب علينا أيضاً أن ندرك أن مجموعة العشرين قد تصل إلى نهاية دورتها».

وفي قمم مجموعة العشرين السابقة، كان زعيم الدولة المضيفة يُسلم الرئاسة لخليفته. وتُلتقط صورة للرئيسين الحالي والقادم، لكن في غياب الولايات المتحدة، اضطر الرئيس سيريل رامافوزا إلى الارتجال.

قال مبتسمًا وهو يضرب الطاولة قبل أن يستدير ليتبادل الأحضان مع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني: «أقول الآن إن هذه المطرقة تغلق هذه القمة رسمياً، وتنتقل الآن إلى الرئيس القادم لمجموعة العشرين، وهو الولايات المتحدة».

جريدة البيان