مرونة أمريكية بشأن العودة إلى اتفاقية التجارة الحرة عبر «الهادئ»

2018/01/28 06:43 توقيت العربي

فتح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الباب أمام عودة الولايات المتحدة إلى اتفاقية التبادل الحر لدول المحيط الهادئ بعد أن كان قد أعلن الانسحاب منها العام الماضي بعيد توليه منصب الرئاسة في البيت البيضاوي.

وبحسب "الفرنسية"، فقد صرح ترمب في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس في سويسرا "سأنضم إلى اتفاقية التبادل الحر بين دول المحيط الهادئ إذا توصلنا إلى صيغة اتفاق أفضل من السابق".

ويقول إدوارد آلدن المختص لدى مجلس العلاقات الخارجية، "إن تصريحات ترمب حول الاتفاقية تشكل منعطفا فعليا"، فقد وقع الرئيس قبل عام في 23 كانون الثاني (يناير) 2017 مرسوما يضع حدا لمشاركة الولايات المتحدة في الاتفاقية، وكان ذلك في رأيه قراره الأول من أجل حماية الوظائف الأمريكية التي يهددها التبادل الحر.

وخاض الرئيس السابق باراك أوباما مفاوضات شاقة قبل توقيع الاتفاقية في 2015 مع 12 دولة من آسيا والمحيط الهادئ تشكل 40 في المائة من الاقتصاد العالمي، وذلك لمواجهة النفوذ المتنامي للصين، إلا أن هذه الاتفاقية لم تكن قد دخلت بعد حيز التنفيذ عند وصول ترمب إلى البيت الأبيض.

لكن انسحاب الولايات المتحدة لم يؤد إلى انهيار الاتفاقية، فقد أعلنت الدول الـ 11 الأخرى الموقعة في الأسبوع الماضي عن اتفاقية جديدة لا تشمل واشنطن.

وترى مونيكا دي بول مختصة السياسة التجارية في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن "الاتفاقية الجديدة التي يُفترض أن يتم توقيعها في آذار (مارس) أثارت غضب الرئيس الأمريكي دون شك"، خصوصا أنه تم التوصل إليها في وقت أسرع مما كان متوقعا.

وكانت الدول الـ 11 وهي أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام، قد حققت تقدما كبيرا في المفاوضات في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا المحيط الهادئ "آبيك" في فيتنام، فيما لا يزال أمامها بعض المسائل العالقة.

وأضافت المختصة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن "هذه الدول أظهرت بوضوح رغبتها في ملء الفراغ الذي أحدثته الولايات المتحدة"، مشيرة إلى أن ترمب الذي يؤكد باستمرار أنه يفضل الاتفاقات الثنائية "تراجع عن موقفه" على ما يبدو بعد أن أعلنت اليابان أنها لا تريد مثل هذا الاتفاق، إذ أدركت إدارتها الخسائر الاقتصادية المحتملة لذلك.

ويختصر جريجوري داكو كبير الاقتصاديين لدى مركز "أكسفورد إيكونوميكس" المسألة قائلا "إن ترمب بدأ يدرك فجاة أن العالم يستمر، وأن الولايات المتحدة أصبحت خارج اللعبة".

ويواجه ترمب الذي فرض إعادة التفاوض حول اتفاقية التبادل الحر بين دول أمريكا الشمالية "نافتا" - تضم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك - التي تجري بشأنها مفاوضات جديدة هذا الأسبوع في مونتريال مع كندا والمكسيك ضغوطا متزايدة من عالم الأعمال لحثه على عدم التشبث بموقف حمائي.

ويضيف آلدن أن "ترمب فهم بوضوح هذه الرسالة من شخصيات نافذة وأثرياء وأشخاص يكن لهم الاحترام"، كما يمكن أن تكون استراتيجية كندا أحد أبرز الشركاء الاقتصاديين للولايات المتحدة وراء المرونة الظاهرة لموقف واشنطن. وشددت أوتاوا على أهمية انتمائها إلى اتفاقية التبادل الحر بين دول المحيط الهادئ مذكرة بأنها لن ترضخ لمطالب الإدارة الأمريكية حول "نافتا".

ولم تتردد كريستي فريلاند وزيرة الخارجية الكندية في إعلان أن بلادها تستعد لاحتمال انسحاب أمريكي من اتفاقية "نافتا" السارية منذ 1994، وتؤكد أوتاوا من جهة أخرى أن واشنطن التي تعتمد في وظائفها البالغ عددها تسعة ملايين على التجارة والاستثمارات الكندية لديها كثير لتخسره في حال انسحابها من اتفاقية "نافتا".

وبدا ترمب الجمعة أمام منتدى دافوس كأنه مدرك لمختلف التحذيرات عندما صرح بأن شعار "أمريكا أولا" ليس معناه أمريكا وحدها"، مضيفا "نحن نؤيد التبادل الحر لكن يجب أن يكون عادلا ومتبادلا".

من جهة أخرى، ذكر مانفرد فيبر رئيس الكتلة البرلمانية للمحافظين في البرلمان الأوروبي، أنه يتعين على الرئيس الأمريكي إثبات التزامه بالتجارة الحرة والشراكة الدولية في القضايا الخلافية.

وقال فيبر في تصريحات لصحف مجموعة "فونكه" الألمانية الإعلامية الصادرة أمس، "إنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تحدد بمفردها قواعد ما هو عادل وما هو غير عادل في القضايا التجارية".

وأشار السياسي الألماني المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري إلى أنه يتعين على ترمب بوجه عام التوقف عن اتخاذ قرارات منفردة، و"فقط في هذه الحالة ستكون تصريحاته جديرة بالثقة".

الإقتصادية