اليونان تخرج من أزمتها الاقتصادية بسخط شعبي رغم إطراء الدائنين

2018/01/28 06:45 توقيت العربي

بعد أزمة استمرت تسع سنوات، أظهرت مؤشرات تحسن الأوضاع الاقتصادية في اليونان، مثيرة ارتياح المؤسسات التي كانت ترى قبل ثلاث سنوات أن وضع البلاد ميئوس منه، لكن اليونانيين لا يشعرون بهذا التحسن. وقالت كريستين لاجارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي "سرني لقاء إلكسيس تسيبراس رئيس الوزراء اليوناني في دافوس، وقد هنأته على التقدم الذي تحرزه بلاده".

وبحسب "الفرنسية"، فقد تغير موقف الجهات المانحة لليونان منذ انتخاب تسيبراس في كانون الثاني (يناير) 2015 استنادا إلى برنامج من اليسار الراديكالي المعارض لخطتين لمنح قروض فرضهما الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي منذ 2010 تقضيان بالحصول على أموال مقابل إصلاحات.

واضطر تسيبراس إلى الموافقة في تموز (يوليو) 2016 على توقيع خطة أكثر صرامة نجح في تطبيقها مستندا إلى غالبية برلمانية ضئيلة، مصرا على مواصلة تطبيق الإصلاحات الصعبة رغم الغضب الشعبي المتنامي.

وتأمل اليونان أن تنتهي من تطبيق هذه الخطط في آب (أغسطس)، وكشف مختصون في مؤسسة "سيتي جروب" أن "المراجعة" الثالثة للبرنامج الحالي التي يفترض أن تتيح صرف 7.6 مليار يورو لليونان بين شباط (فبراير) ونيسان (أبريل) قد تكون الأسرع منذ بدء تطبيق خطط الإنقاذ.

وللحصول على هذه الأموال على الحكومة أن تثبت فعاليتها في تطبيق البرنامج الجديد لبيع ممتلكات اليونانيين غير القادرين على إيفاء ديونهم في مزاد علني على الإنترنت، وهو نظام مصمم لتخفيف الأعباء عن المصارف المتعلقة بالديون الهالكة ولمنع المتظاهرين من الوصول إلى مواقع البيع.

ومع تطبيق مثل هذه الإجراءات تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب سيريزا الذي يتزعمه تسيرباس، خاسر حاليا أمام حزب "الديمقراطية الجديدة" اليمين المحافظ، في الانتخابات المقبلة المقررة في الخريف 2019.

وقال كلاوس ريجلينج المدير العام لآلية الاستقرار الأوروبية الإثنين بعد اجتماع لوزراء المال في مجموعة اليورو "إن اليونان اليوم لم تعد في أزمة".

وتأمل أثينا أن تطلق مفاوضات حول خفض ديونها "178 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي في 2017"، وقد سجلت في 2017 أول نمو فعلي لها منذ تسع سنوات قدر بـ 3.1 في المائة وبـ 2 في المائة لهذا العام والسنوات المقبلة كما يتوقع مختصو الاقتصاد.

وكشفت وكالة ستاندارد آند بورز للتصنيف الائتماني أن البطالة التي لا تزال الأسوأ في أوروبا، انخفضت إلى 5.20 في المائة في 2017 بعد أن بلغت 9.27 في المائة في 2013 ورفعت التصنيف الائتماني لليونان إلى "بي" مع توقعات إيجابية. وفي تموز (يوليو)، أصدرت اليونان سندات بقيمة ثلاثة مليارات يورو على خمس سنوات وقامت بمبادلة سندات بقيمة 30 مليار يورو في تشرين الثاني (نوفمبر)، في عمليتين كللتا بالنجاح.

ويتوقع المختصون أن تخضع اليونان لاختبار جديد في شباط (فبراير) قبل عودتها إلى الأسواق في آب (أغسطس) بعد الانتهاء من تطبيق برنامجها.

لكن بعض المؤشرات لا تزال سلبية، إذ إن الاستهلاك تراجع بنسبة 1 في المائة في الفصل الثالث من 2017 على مدى عام وكذلك الاستثمار بنسبة 5.8 في المائة.

وأقر ديميتريس بيباس المختص الاقتصادي لدى اتحاد الشركات الصغيرة والمتوسطة بتسجيل تحسن طفيف وعلى الأقل استقرارا في استهلاك الأسر أخيرا، لكن "لا يزال هناك أكثر من 35 في المائة من الناس الذين هم تحت عتبة الفقر، ويضطرون إلى قبول رواتب شهرية تقل عن 500 يورو".

ويعيش نصف اليونانيين أيضا من رواتب تقاعدية لهم أو لأقاربهم ويؤجل 40 في المائة من الأسر زياراتهم للطبيب لأسباب مالية، ويؤكد بيباس في دراسة أنه نتيجة لذلك يطمح سبعة من كل عشرة شباب تراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما إلى مغادرة البلاد، معتبرا هذه النسبة "ضخمة" للأسف.

وأضاف بيباس أن "انتهاء الأزمة أشبه بما يحصل بعدما تنحسر المياه إثر تسونامي ونواجه عواقبه"، ودعا بيباس إلى سياسة استثمارية واسعة و"تخفيف" القيود عن الموازنة المقررة لسنوات بعد انتهاء خطة الإنقاذ، مشيرا إلى أنه في غياب ذلك سيحاول الاقتصاد اليوناني ضمان استمراريته بدلا من النمو.

الإقتصادية