السعودية تتطلع إلى استثمارات بـ 4 تريليونات ريال خلال 10 سنوات

2025/12/03 14:07 توقيت العربي

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال ملتقى ميزانية 2026 إن الحكومة تستهدف نمو حجم الاقتصاد عبر زيادة الإنفاق من خلال آلية مدروسة، فيما كشف وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم عن أن الحاجات الاستثمارية للمملكة خلال السنوات الـ 10 المقبلة تراوح بين 3.5 و4 تريليونات ريال.

هذا الحجم الضخم من الاستثمارات التي يحتاجها الاقتصاد السعودي يفتح كثيرا من الفرص أمام القطاع الخاص، بحسب الإبراهيم، الذي توقع نمو القطاع غير النفطي بوتيرة تراوح بين 4.5% و6% في المرحلة القادمة.

الجدعان أكد بدوره أن مستويات الدين غير مقلقة "طالما أن العائد من الدين أعلى من تكلفة الدين. وقال إن الحكومة وضعت لنفسها سقفا بألا تتجاوز حجم الدين 40% من الناتج المحلي.

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أقر أمس الثلاثاء ميزانية عام 2026، التي تبلغ النفقات العامة فيها نحو 1.3 تريليون ريال فيما تقدر الإيرادات العامة بنحو 1.147 تريليون، بعجز متوقع عند 165.4 مليار ريال.

وأكد ولي العهد أن السعودية مستمرة في التركيز على تنويع القاعدة الاقتصادية، وتحفيز الاستثمار، وتسريع وتيرة التحول الاقتصادي بما يتوافق مع مستهدفات الرؤية.

الإبراهيم أشار خلال الملتقى إلى طموحات للتوسع قاريا، قائلا إن "السعودية من أكبر 12 دولة من حيث المساحة، وهناك طموح لربط القارات الأخرى من خلال أن تصبح منصة لوجستية وصناعية رائدة. وستكون فرص الاستثمار البنية التحتية كبيرة".

نحو نمو الاقتصاد لا مسايرة دورته

شدد الجدعان على الحاجة إلى التأكد من المحافظة على المالية العامة "قبل التفريط فيها لمصلحة الاقتصاد".

وقال خلال الملتقى: "التحديات التي واجهتنا خلال الـ 40 سنة الماضية كان أهمها أن الإنفاق كان يساير الدورة الاقتصادية. إذا زاد النشاط الاقتصادي وزاد الإنتاج البترولي وزادت أسعار البترول، زاد الإنفاق، وإذا انخفضت الأنشطة الاقتصادية، وبالذات الأنشطة النفطية، انخفض الإنفاق".

أضاف: "ما حدث خلال الـ 8 سنوات السابقة، هو أنه كان هناك جد حكومي كبير لفصل الاثنين. ألا نكون مسايرين للدورة الاقتصادية وإنما نمشي عكس الدورة الاقتصادية في السياسة المالية بحيث إذا تباطأ النمو يزيد الإنفاق، وإذا تسارع النمو وصار هناك تضخم معناه ضرورة تخفيض الإنفاق"

وأكد أنه لو كانت السعودية سارت على ذلك النهج السابق لما استطاعت اليوم الوصول إلى نمو يبلغ في المتوسط 5% سنويا في الأنشطة غير النفطية، في ظل نمو القطاع النفطي بالسالب خلال السنوات الـ 8 الماضية.

وقال: "هذا التوازن ما سرنا عليه خلال السنوات الـ 8 الماضية"، مشيرا إلى أن تأكيد التصنيف الائتماني للسعودية أو رفعه خلال السنوات الـ 3 الماضية من قبل جميع وكالات التصنيف يؤكد أن الحاصل في السعودية "هو الوضع الأمثل لاستدامة المالية العامة".

التنويع يحقق زخما للاقتصاد السعودي

الإبراهيم أوضح بدوره أن 74 نشاطا من أصل 81 قطاعا غير نفطي حقق نموا سنويا بأكثر من 5% خلال السنوات الخمس الماضية، منها 37 نشاطا حققت نموا بأكثر من 10%.

وقال الوزير إن اعتمادية الحراك الاقتصادي على النفط في السعودية من حيث مصادر النمو جرى خفضها من 90% إلى 68%، مع نمو الأنشطة غير النفطية عند مستوى قياسي بلغ 56% العام الماضي.

وأشار إلى أن النمو التراكمي للاقتصاد غير النفطي تجاوز 30% منذ عام 2016، موضحان أن هذا يزيد على المعدل في الاقتصادات المتقدمة، التي نمت بنحو 20% في الفترة ذاتها.

الانتقال إلى الإنجاز بالتكلفة الصحيحة

قال الإبراهيم إن هناك 3 ملامح ستميز المرحلة الحالية والقادمة، أولها الإنفاق، حيث الانتقال من مرحلة "الإنجاز بأي تكلفة إلى الإنجاز بالتكلفة الصحيحة".

أضاف: "لأننا ننوي أن ننجز بالتكلفة الصحيحة، برز دور القطاع الخاص في السنوات الأخيرة، والذي نمت مشاركته خلال السنوات الماضية من 38% إلى 50%، والآن سيبرز بشكل أكبر".

أكد الوزير أن هناك فرصة لزيادة مشاركة القطاع الخاص، مع نمو البيئة التنافسية ووضوح الفرص أمامه على المدى البعيد، قائلا "خلال الرؤية تم خلق بيئة تنافسية ورأينا استجابة القطاع الخاص".

بحسب الإبراهيم، فإن أكثر من 600 شركة دولية إضافية اتخذت مقرها في السعودية.

الجدعان قال بدوره إن كفاءة الإنفاق لم تعد عملية تقوم بها وزارة المالية فقط، ولكن أصبحت ثقافة حكومية بشكل كبير يتبناها جميع الموظفين.

التوطين يعطي مساحة إضافية للاقتصاد السعودي

سلط الإبراهيم الضوء على توطين الصناعات في السعودي، حيث أشار إلى أن نسبة التوطين في صناعات الأدوية وصلت إلى 35% مقابل أكثر من 20% في الصناعات العسكرية العام الماضي.

وقال: "هناك فرص كبيرة للبناء على النجاحات السابقة. مهم تكامل عنصرين: توجيه السياسات نحو تحفيز القطاع الخاص، بالتركيز على القطاعات ذات الإنتاجية والقيمة المضافة الأعلى، وأيضا الدخول في شراكات حقيقية بعيدة المدى".

أضاف" في المرحلة القادمة الوصول إلى نمو كمي مهم، ولكن وبناء على توجيهات القيادة الأهم من ذلك هو جودة النمو، كيف نصل إلى هذا النمو بمشاركة القطاع، من خلال الابتكار والاستثمارات النوعية".

1.7 مليون منشأة متوسطة وصغيرة

أكد الجدعان أنه بينما تهدف الحكومة إلى زيادة حجم الاقتصاد، فإنها لا تزاحم في الوقت ذاته الشركات والأفراد على التمويل.

وقال إن من بين الحدود التي وضعتها الحكومة لنفسها "ألا تزاحم القطاع الخاص في احتياجه للدين، وألا تزاحم المواطنين في احتياجهم للدين وما يتعلق باحتياجهم للقروض العقارية، وألا تزاحم حتى الشركات الكبرى، بما في ذلك أرامكو والصندوق وغيرهما، في احتياجاتهم للدين".

وقال إن عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة ارتفع من نحو 500 ألف في 2016 إلى نحو 1.7 مليون يملكها سعوديون في الأغلب. مع زيادة عدد هذا المنشآت زاد مستوى الاستهلاك في الاقتصاد، بحسب الجدعان.

الإبراهيم أشار بدوره إلى استحداث وحدة في وزارة الاقتصاد لمتابعة العرض والطلب على السلع، وعلاقة ذلك بالتضخم، لاقتراح التدخلات الاستباقية.

جريدة الإقتصادية